الرئيسية مقالات سلطان الرويلي يكتب :(الحوارات أنسٍ عابر)…!!؟!!

سلطان الرويلي يكتب :(الحوارات أنسٍ عابر)…!!؟!!

103
0

بقلم الكاتب سلطان بن حمود الرويلي

في عالم يعجّ بالصوت والصدى حيث تتشابك الأفكار ,وتتلاقى الألسن في مقارعة الحروف قد يغدو الحديث ساحة معركة يسعى كل طرف فيها إلى إثبات صواب رؤيته متناسيًا أن بعض الحوارات ليست سوى أنسٍ عابر ,وأن المجالس غالبًا ما تُقام لا لتغيير القناعات بل لقضاء الوقت وإثراء اللحظات .

لذا كم هو مهم أن ندرك أن تصحيح كل معلومة نسمعها ليس واجبًا , وأن إقناع الآخرين بصحة آرائنا ليس انتصارًا.
ليس كل نقاش ساحة مناظرة , وليس كل رأي مخالف يحتاج إلى تفنيد صارم ,فالقوة الحقيقية ليست في أن ترفع صوتك لتثبت وجهة نظرك بل في أن تدرك متى يكون الصمت هو أعظم لغة ومتى يكون الاستماع هو أبلغ ردّ.

كم من إخوة وأصدقاء فرّقتهم الحدة في الجدل؟
كم من علاقات تصدّعت لأن أحدهم أصرّ على أن يكون الصواب إلى جانبه؟
إن الحكمة ليست في غزارة الكلام بل في فن الإنصات ,وفي القدرة على انتقاء الوقت المناسب للتدخل.

إن الحديث اللبق والاستماع الجيد يمنحان صاحبهما مكانة لا يملكها حتى أكثر الناس علمًا ومعرفة.
فالناس تنجذب لمن يُشعرهم بأهمية كلماتهم لا لمن يفرض عليهم قناعاته , وكلما أتقنتَ فن الإصغاء زاد احترامك في قلوب الآخرين , فالصمت أحيانًا ليس غيابًا للكلمات بل مساحة تُمنح للحكمة لتتكلم.

لذلك عندما تجد نفسك وسط حديث عابر تذكّر أن هدفه ليس إقامة الحُجّة بل بناء الجسور.
تحدث بلطف .
استمع بحب .
امنح الآخرين حق الاختلاف دون أن يكون ذلك مدعاةً للخلاف.

وقد علّمنا النبي صلى الله عليه وسلم درسًا خالدًا حين قال: “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا” , فليس كل انتصار في الجدل مكسبًا , وليس كل صمت خسارة, بل أحيانا يكون الصمت هو لغة العقلاء, والاستماع هو مفتاح الحكمة ,فاختر معاركك بحكمة .
المجالس الجميلة لا تُبنى على الانتصارات الجدلية بل على دفء الحوار وصدق المشاعر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبير تنموي