بقلم الكاتب الدكتور محمد الحلفي
أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بإنشاء صندوق ثروة سيادي تديره الحكومة الأمريكية، ليكون أداة للتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى دوره المحتمل في الاستحواذ على وحدة منصة تيك توك داخل الولايات المتحدة. جاءت هذه الخطوة ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستثمار المحلي، وتحسين البنية التحتية، وتمويل المشاريع الكبرى عبر الإيرادات الجمركية التي تفرضها واشنطن.
يهدف الصندوق الأمريكي إلى لعب دور رئيسي في تمويل مشروعات البنية التحتية، مثل الطرق السريعة والمطارات، من خلال استغلال الإيرادات الجمركية كمصدر تمويلي أساسي. هذه الخطوة تعكس توجهًا مشابهًا للنماذج الناجحة لصناديق الثروة السيادية في دول أخرى، وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي أثبت ريادته عالميًا في إدارة الأصول السيادية.
التجربة السعودية وأثرها في الاستراتيجية الأمريكية
أثناء توقيع الأمر التنفيذي، أشار الرئيس ترامب إلى التجربة السعودية الناجحة في إدارة صندوق الاستثمارات العامة، معتبراً إياها نموذجًا يمكن للولايات المتحدة أن تستلهم منه. يُعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي واحدًا من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حيث يركز على استثمارات طويلة الأمد في قطاعات استراتيجية متعددة.
تتماشى استثمارات الصندوق السعودي مع رؤية 2030، وهي الاستراتيجية الوطنية للمملكة التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحقيق الازدهار المستدام. وقد أثبتت هذه التجربة قدرتها على تحفيز النمو الاقتصادي والاستفادة من فرص استثمارية في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والسياحة.
هل تستطيع الولايات المتحدة محاكاة التجربة السعودية؟
بينما تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء صندوق سيادي على غرار الصندوق السعودي، فإن نجاح التجربة الأمريكية سيعتمد على مدى قدرتها على تبني استراتيجية واضحة ومستدامة في إدارة الصندوق. من الضروري أن تستفيد واشنطن من التجارب الدولية، خصوصًا فيما يتعلق بتنويع مصادر التمويل والاستثمار في قطاعات ذات عوائد طويلة الأجل.
يمثل إنشاء صندوق الثروة السيادي الأمريكي خطوة استراتيجية تحمل إمكانيات كبيرة، لكنه يحتاج إلى رؤية واضحة وسياسات فعالة تضمن نجاحه في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة. وفي حال تمكنت الولايات المتحدة من الاستفادة من التجارب الناجحة، مثل التجربة السعودية، فقد يتحول هذا الصندوق إلى أداة قوية لدفع عجلة الاقتصاد الأمريكي نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا.