الرئيسية إقتصاد عبدالرحمن العامري يكتب :(المشروبات الكحولية .. هل تحقق منفعة اقتصادية بنهائيات كأس...

عبدالرحمن العامري يكتب :(المشروبات الكحولية .. هل تحقق منفعة اقتصادية بنهائيات كأس العالم 2034)…!!؟!!

213
2

بقلم الكاتب عبدالرحمن العامري

مقدمة

في مقابلة حديثة مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، سُئل وزير الرياضة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، عن إمكانية تقديم المشروبات الكحولية خلال كأس العالم 2034 في المملكة، فأجاب:

“نحن بالحاضر، لنتحدث عن الحاضر، لكنني أعتقد أن أهم شيء هو كيف سيؤثر هذا على حدثنا، ونحن لا نرى أي تأثير. لقد استضفنا أكثر من 100 حدث دولي.”

من جانبه، أكد وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، أن:

“السياسة الحالية للمملكة هي عدم تقديم المشروبات الكحولية.”

هذا الموقف يعكس التزام المملكة بتوفير بيئة آمنة ومستدامة، وهو ما أثبتته التجارب السابقة في استضافة الفعاليات الكبرى، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز التجربة السياحية والثقافية والترفيهية دون الحاجة إلى مشروبات كحولية تؤثر سلبًا على المجتمع والاقتصاد.

التأثيرات السلبية للمشروبات الكحولية ذات العلاقة بالاقتصاد:

المخاطر الأمنية والجريمة

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن المشروبات الكحولية تتسبب في 3 ملايين وفاة سنويًا، منها 28% ناتجة عن إصابات وحوادث عنف، كما أنها ترتبط بارتفاع معدلات الجرائم، مثل الاعتداءات الجسدية، التحرش، والسرقات، مما يزيد من الأعباء الأمنية والتكاليف المرتبطة بمكافحة الجريمة.

في العديد من المدن الأوروبية، تصدر الفنادق تحذيرات لنزلائها بعدم الخروج ليلًا بسبب ارتفاع معدلات الجرائم المرتبطة بالكحول، ما يعكس المخاطر الأمنية التي تصاحب استهلاكه.

الأعباء الصحية والتكاليف الاقتصادية

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يمثل استهلاك الكحول 5.1% من إجمالي عبء الأمراض عالميًا. كما يؤثر على الكبد، القلب، والجهاز العصبي، ويرتبط بزيادة معدلات السرطان والأمراض المزمنة.

تصل تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالكحول إلى مليارات الدولارات سنويًا. في الولايات المتحدة، تبلغ هذه التكاليف 249 مليار دولار سنويًا، تشمل نفقات العلاج الطبي، والإصابات الناتجة عن القيادة تحت تأثير الكحول، والعنف الأسري، مقارنةً بعوائد ضريبية تبلغ 10 مليارات دولار فقط، ما يعني أن الخسائر تفوق العوائد بأكثر من 25 ضعفًا.

التأثير على المجتمع والأسرة

يرتبط استهلاك الكحول بارتفاع معدلات العنف الأسري، الطلاق، والتفكك الاجتماعي. كما يؤدي إلى تدهور الأداء الوظيفي، مما يؤثر على إنتاجية العاملين في القطاعات المختلفة، خاصةً أن غياب الموظفين بسبب مشاكل صحية ناتجة عن الكحول يُعد من أكبر المشكلات الاقتصادية في العديد من الدول الغربية.

 العلاقة بين الكحول والممارسات الخطرة

تشير الدراسات إلى أن استهلاك الكحول يزيد من احتمالية الانخراط في سلوكيات أخرى أكثر خطورة، مثل:
• التدخين: حيث وجدت دراسة نشرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن المدخنين أكثر عرضة لاستهلاك الكحول بكميات كبيرة.
• تعاطي المخدرات: وفقًا للمعهد الوطني الأمريكي لتعاطي المخدرات (NIDA)، فإن الأشخاص الذين يشربون الكحول يكونون أكثر عرضة لتعاطي المخدرات القوية.
• المقامرة والإدمان السلوكي: أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يستهلكون الكحول لديهم نسبة أعلى من الإدمان على القمار، مما يزيد من المشاكل المالية والديون.
• الأمراض المنقولة جنسيًا: وجدت منظمة الصحة العالمية أن استهلاك الكحول يزيد من السلوكيات الجنسية غير الآمنة، مما يرفع معدلات الأمراض المنقولة جنسيًا، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

مقارنة اقتصادية بين دول تقدم الكحول وأخرى لا تقدمه

بينما تحقق بعض الدول عوائد من مبيعات الكحول، فإن التكاليف المترتبة عليه تفوق هذه العوائد.

التأثير على السياحة والأنشطة العائلية والثقافية

الدول التي تمنع المشروبات الكحولية، مثل السعودية، تركز على السياحة العائلية والترفيه النظيف، مما يعزز استدامة العوائد السياحية. على العكس، تعاني الدول التي تروج للكحول من الفوضى الليلية، المشاجرات، والتحرش، مما يؤثر على جودة التجربة السياحية.

مقارنة كأس العالم 2018 و2022

عند مقارنة التجارب السابقة، نجد أن:
• كأس العالم 2018 في روسيا، حيث كان الكحول متاحًا، شهد ارتفاعًا في الحوادث الأمنية والمشاجرات، مما استدعى نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن.
• كأس العالم 2022 في قطر، حيث تم تقييد بيع الكحول، شهد انخفاضًا ملحوظًا في المشاجرات وأعمال العنف، مما جعل البطولة أكثر أمانًا وتنظيمًا.

نجاح المملكة العربية السعودية في استضافة الفعاليات الكبرى

أثبتت المملكة قدرتها على تنظيم مناسبات عالمية ناجحة دون الحاجة إلى تقديم المشروبات الكحولية. فقد استضافت أكثر من 100 حدث دولي، منها:
• مبادرة مستقبل الاستثمار (أكبر مؤتمر اقتصادي في المنطقة).
• فورمولا 1، كأس السوبر الإسباني والإيطالي، ونزال الملاكمة بين فيوري ونغانو.
• موسم الرياض وموسم جدة، اللذين جذبا ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم.

كما يتمتع الاقتصاد السعودي بنمو قوي، حيث تسهم السياحة، الترفيه، والفعاليات العالمية في تعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية دون الحاجة إلى تقديم المشروبات الكحولية.

حسن الضيافة والذوق العام

تعتمد السعودية على تجربة ضيافة راقية، حيث توفر بيئة آمنة، منظمة، وتحترم الذوق العام، ما يجعلها وجهة مثالية للسياح، المستثمرين، والمقيمين للعمل. كما تحرص على تعزيز الثقافة والترفيه بما يتناسب مع القيم الدينية والعادات والتقاليد الأصيلة التي تحافظ على جودة الحياة واستدامة التنمية.

الخاتمة

يتضح أن التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للكحول تفوق أي عائدات مالية محتملة. كما أن السعودية أثبتت نجاحها في استضافة الفعاليات العالمية دون الحاجة إليه، مما يعكس قدرتها على تحقيق نمو اقتصادي مستدام وأمان اجتماعي عالي.

إن تقديم تجربة آمنة، متحضرة، ومستدامة هو الخيار الأمثل للاقتصاد والمجتمع، وهو ما تؤكده تجارب الدول التي اتخذت موقفًا حاسمًا تجاه المشروبات الكحولية.

2 تعليقات

التعليقات مغلقة.