بقلم الكاتب الدكتور علي القحيص
بعد أن انطفى صوت وهيبة الإعلام الرسمي وانخفض الحس الوطني المسؤول ذات المصداقية والرزانة والانضباط والثوابت والمعايير المهنية.
بدأت تنتشر القنوات الخاصة في الفضاء المفتوح على مصراعية بكل حرية وإنفتاح ، زامنها في نفس السياق إعلام (السوشل ميديا ووسائل التواصل الإجتماعي) بشكل مهول ومثير للدهشة والإستغراب على اوسع انتشارا وتاثيرا، وأصبح كل من هب ودب يكتب وينشر ويصور على “مزاجه” بدون رقيب أو حسيب او رادع مهني او إجتماعي يمنعه من الابتذال والسخافة والاسائة.
مما خلط الحابل بالنابل ، و تشابك الغث بالسمين بلا ضوابط أخلاقية أو معايير مهنية وحرفية بعيدا عن التخصص والمهنة والموهبة والعلم والمعرفة ، فأصبح كل من لدية موبايل ( إعلامي) وكل من يشتم الناس ( ناقد) وكل من يهرج( مذيع وشاعر) وكل من يدون فضائح العالم بدون إثبات أو حقائق صحيحة ( كاتب) وكل من ينبش بالانساب و يطعن بالاعراض واصول الناس و فضح عيوب المجتمع ( باحث) وكل من يتطاول على الأنظمة وحكامها وامنها واستقرارها ( مناضل) وكل من يشتم الدين ويشكك فيه وعدالته ( مفكر) تتلقفه المواقع العالمية بلهفة ،وكل من يتحرر من القيم والأخلاق والثوابث والعادات والتقاليد وينسفها ويمقتها ( ليبرالي)، وكل من لايصلي ولايصوم وليس لديه محرمات أو حدود للشرائع والمرجعيات ( منفتح على الآخر)وكل من يحلق شنبه وذقنه ويتكلم الإنجليزية( متطور ومثقف جدا) ويستشرف المستقبل ولديه طموح وامال ومقبل على الحياة ومتصالح مع نفسه !!
وكل من يذيل اسمه بأسم القبيلة ( بدوي عنصري) وكل من يدافع عن الوطن ..(انبطاحي وصولي إنتهازي) وكل من يدافع عن العروبة ( بعثي) وكل من يدافع عن الدين الإسلامي الحنيف ( داعشي ارهابي)!
واذا شتمت ( حماس) تصبح صهيوني واذا ايدت (حماس) تتهم انك إيراني!
واذا ايدت ( منظمة التحرير ) تصبح خائنا!!
الإعلامية فجر السعيد، التي أصبحت نجمة إعلامية من خلال قناتها الخاصة وركبت موجة الإعلام الجديد المتطور سالف الذكر ، وكل فترة تغير عنوان قناتها وموقعها واسلوبها ، وكل مرة تشتم الدين والعروبة وتشتم السعودية والدول الأخرى لم يسلم من لسانها احد ، مرة تظهر بحالة سكر ومرة محجبة ومرة تزور العتبات المقدسة، ومرة تزور القدس ومرة ترقص ومرة تغني ومرة تشتم (البدون) ومرة تايد سحب الجناسي الكويتية ومرة تطالب باعدة الجنسية الكويتية لاصحابها ، ومرة تطلب زوج ومرة تنفي ومرة تشتم ومرة أخرى تعتذر، ومرة تتعاطف مع فلسطين ومرة اخرى تطالب (بالتطبع)و كل هذة الصفاة المطلوبة والشروط المتاحة المطابقة للإعلام الجديد سلكتها، ونفذتها بدقة حسب الطلب و بحذافيرها بدون محاذير وضوابط وبلا مهنية أو خطوط حمراء ، لكي تتماشى مع نهج الإعلام اليوم المطروح في الساحة العربية وكما كتب عنها ،ولكنها لم تسلم من ( الاذى) ودخلت السجن وحكم عليها سجن 3 سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمة امن دولة !
بالله عليكم دلونا ماذا يريد إعلامنا الجديد ( المنفتح)؟ لكي أكون اعلامي محترم منضبط مستقيم ، لا احد يمنع مقالاتي ولا أحد يشتمني اذا نشر رأيي، ولا أحد يشكك بوطنيتي أو عروبتي أو ديني ،ولا أحد يطعن بنسبي أو اصلي ، لكي اكتب بحرية تامة واعرف حدودي المهنية الإعلامية والحرفية الصحفية الصحيحة ، من ضمت مهنتي وموهبتي لاني لا اعرف غيرها ابدا !
وهي مصدر رزقي لأني ( كاتب صحفي وروائي وباحث ورسام )،يعني (سبع صنايع والبخت ضايع) !!
والله لا أجد أو اعرف اي مهنة اخرى، وليس لدي سكن أو أرض أو إيراد آخر..سواء الكتابة فقط لاغير ، ولكني تعبت من التصنيف والتأويل ولا اعرف من أين ابدا واين انتهي ،لكي يرضى علي مدراء المحطات الفضائية ورؤساء التحرير الورقية التي لازالت تلفض أنفاسها الأخيرة و( الاكترونية) الجديدة!
لكي استمر بالكتابة التي ترضيهم بدون ( تصنيفات) ، حتى يصرفوطن لكي مكافأة قبل رمضان ..وكل عام وانتم بخير؟!!