بقلم اللواء الركن مهندس الدكتور بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود
المقطع الأول من السيناريو نفسه الذي حدث في بغداد يوم سقوطها في التاسع من أبريل عام 2003، تم تطبيقه بحذافيره اليوم في دمشق: تحطيم أصنام، وقذفها بالنعال، وركلها بالأقدام، وسحلها في الشوارع، ورميها في حاويات النفايات. ثم اقتحام قصور الحاكم وغرفة نومه، ونهب ما فيها وتحطيم الباقي، حتى أوراق الدولة الرسمية لم تسلم من العبث.
وأخشى ما أخشاه أن يتم تنفيذ بقية سيناريو العراق بالضبط هنا في الشام، بعد أن تذهب نشوة الفرحة، ويصبح المواطنون على استحقاق وطن، فينقسمون إلى فرق وطوائف ومذاهب، فهذا يريد أن يحكم البلاد باسم إيران، وذاك يريد أن يحكمها باسم تركيا، وثالث باسم أمريكا، ورابع باسم روسيا، ثم يقاتل الجميع بعضه بعضاً، فتتحول الدولة إلى خردة، ويصبح المواطن يبحث عن كسرة خبز يسكت بها جوع صغاره.. وتستغل دولة الكيان الصهيوني هذه الفوضى كعادتها، فتنفذ وسط الزحام لتحطيم هوية الدولة، من خلال تحطيم ثقافتها وإرثها الحضاري، تماماً كما فعلت في العراق؛ بهدف تغييب مفهوم الوطن في وجدان الشعب، تمهيداً لتقسيمه بين شرق وغرب وشمال وجنوب.
أنا في الحقيقة لا يهمني من يحكم سوريا، بقدر ما تهمني المحافظة على وحدة ترابها، وخلع عباءات الفرق والطوائف والمذاهب والعمالة للخارج التي عطلت مسيرة الأمة، وحكم البلاد بواسطة اهلها الشرفاء لخير الجميع، والتعاون مع الأمة العربية والإسلامية لتحقيق مفهوم الإستخلاف في الأرض كما ينبغي.
أتمنى للقائمين على الأمر اليوم هنالك الاستفادة من تجربة العراق وكل تجارب الحكم الماضي المريرة في سوريا نفسها التي حولت معظم الشعب إلى سجين، تحول جسده اليوم إلى هيكل عظمي، لقى كثير منهم حتفه بالاهمال داخل السجون أو بمقصلة النظام.
يكفي المواطن المسكين البسيط الذي يبحث عن العيش بكرامة ما تجرعه من مرارة الهجرة والنزوح وتشتيت شمل العائلة، وذل وإهانة.
بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود