للكاتبة / أ.ليلى عسيري
الشك هو أحد أعمق المشاعر الإنسانية التي قد تترك أثرًا لا يُمحى على العقل والنفس هو شعور غامض يزرع القلق في القلوب ويشوه الحقيقة بنسج أوهام خادعة قد تلتهم الثقة التي بُنيت على مر الزمن وحينما يسيطر الشك على الأفراد يمكن أن يغلق أبواب التواصل ويطفئ أنوار اليقين تاركًا العلاقات الإنسانية في ظلامٍ دامس
و يعتبر الشك في طبيعته تجربة إنسانية مشتركة حيث من الطبيعي أن يمر الإنسان بلحظات من التساؤل أو الحيرة لكن المشكلة تبدأ عندما يتحول الشك إلى حالة دائمة أو إلى سوء ظن مفرط حيث يبدأ الفرد في تفسير الأمور من منظور سلبي ويتحول إلى الاتهام والتخوين دون دليل أو مبرر هذا النوع من الشك قد يقود إلى انهيار العلاقات سواء كانت شخصية أو مهنية
عندما يتغلغل الشك في علاقة ما فإنه يزرع بذور الانفصال تبدأ الثقة في التلاشي ويصبح التواصل متوترًا كل كلمة قد تفسر بشكل خاطئ وكل تصرف قد يُساء فهمه في النهاية يصبح من الصعب ترميم الجسور التي دُمرت بسبب الشك وسوء الفهم العلاقات التي تعتمد على الثقة المتبادلة قد تكون الأكثر تضررًا حيث يصبح الشك كالنار التي تحرق الجسور
إلى جانب تأثيره على الآخرين يلعب الشك دورًا مدمرًا على الذات الفرد الذي يعيش في حالة دائمة من الشك غالبًا ما يفقد راحته النفسية كل لحظة تملأها التساؤلات والافتراضات غير المثبتة مما يؤدي إلى حالة من القلق والتوتر الشخص الذي يعاني من الشك المستمر قد يجد نفسه عاجزًا عن اتخاذ القرارات أو بناء الثقة مع نفسه أو مع الآخرين
التغلب على الشك يبدأ بالوعي بالمشكلة أولى الخطوات نحو الشفاء هي إدراك أن الشك قد لا يكون دائمًا مؤسسًا على حقائق وأنه قد يكون ناتجًا عن مخاوف داخلية أو تجارب سلبية سابقة من الضروري أيضًا تعزيز الحوار المفتوح والصريح مع الآخرين عندما تتاح الفرصة للتحدث بصدق عن الشكوك والمخاوف يمكن أن يتبدد الكثير من الغموض وتُستعاد الثقة
كما أن اللجوء إلى التفكير المنطقي ومحاولة جمع الأدلة قبل الحكم على الآخرين يمكن أن يساعد في الحد من تأثير الشك السلبي الشك كما هو الحال مع أي شعور إنساني آخر يمكن أن يكون قابلاً للتحكم إذا ما تم التعامل معه بحكمة ووعي
واخيراً الشك هو سيف ذو حدين في حين أنه قد يكون أداة للتحقق من الأمور وتحليلها إلا أنه قد يتحول إلى مصدر للظلام والقلق إذا لم يُدار بشكل صحيح
العلاقات الإنسانية سواء كانت علاقات عائلية أو صداقات أو علاقات مهنية تعتمد في أساسها على الثقة واليقين ومن هنا فإن كسر دائرة الشك والتعامل معه بوعي يمكن أن يعيد النور إلى تلك العلاقات ويجنبها الغرق في ظلام الوهم والارتياب