الحياة مدرسة فكل يوم تقدم لنا دروسًا مجانية كثيرة في العطاء، والقليل منًا من يتعلم من هذه الدروس الملقاة على طرقات الحياة وجنبات الواقع، ويستفيد منها بممارساته اليومية، وآخرون سلبيون يشتكون من سوء المعيشة وقلة الحاجة وفساد العلاقات، فمن خلال أعمالي وعلاقاتي وكتاباتي وأنشطتي ولقاءاتي وتعاملاتي وقراءاتي واحتكاكي بشخصيات متميزة في هذه الحياة تعلمت أن العطاء أروع قيمة، وسلوك وتصرف جميل تجاه الآخرين والحياة نفسها، وليس لها بديل وتعويض في قيم ومفردات حياتنا.
هل فكرنا يومًا في جمال العطاء؟
جميع المعاني الإنسانية العميقة هي عطاء، والعطاء درجة عالية من الوعي الإنساني، وخاصة عندما يرافقه استمتاع، وعدم شعور بالتعب أو التمنن أو التفاخر في العطاء، والعطاء في جذوره الحُب والاحترام والاهتمام، وعلمتني الحياة أن أزرع بسمة أو أغرس كلمة في نفس متعطشة للمعاني الجميلة، هو أعظم مكسب لي في هذه الدنيا، أن أترك من بعدي أثرًا طيبًا وذكرى حسنة في القلوب والعقول، فلا حياة دون عطاء وفي العطاء أروع حياة.
وذلك يعتمد على الترجمة العقلية لهذا المفهوم الواسع، لأن البعض يربط معنى العطاء بالجانب المادي فقط، أي عطاء نقود أو أدوات ملموسة لمن يحتاجها، والبعض الآخر يرى أن العطاء للفقراء والمحتاجين فحسب، وفئة أخرى تظن أن العطاء لا يأتي إلا من الكبير إلى الصغير، وثلة من الناس يرون العطاء لا بد أن يكون دون مقابل، وأنا أختلف معهم بهذه الجزئية، وهلم جرا من تفاسير تختلف حسب المجتمعات والبيئات والثقافات.
فمن وجهة نظري المتواضعة أرى أن جمال العطاء يكمن بشموليته في مختلف مناحي الحياة، فلا داعي أن نأسر هذا الجمال بعطاء الماديات فقط، أي أن أمد يدي لأعطي ما أملك سواء من الأموال أو الطعام أو قضاء الحوائج، ألم يخبرنا خير البشر عليه الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة)، فالابتسامة الصادقة والعبارة الدافئة واللمسة الحانية تكون أحيانًا مرهمًا ودواءً لمن يعاني من داء الزمن وأوجاع الشجن.
*ترويقة:*
حتى تكون ثقافة العطاء فينا سائدة! يجب أن نكون كما قيل على لسان أحد الحكماء: «من يفكر على مائدة الحياة أن يشبع نفسه فقط، فسيبقى جائعًا، ومن يفكر أن يشبع أخاه فسيشبع الاثنان معًا»، لذلك اجعلوا العطاء أسلوب حياة، واجعلوا أيامكم عطاء دون انتظار رد العطاء.
*ومضة:*
الحياة عطاء، والعطاء حياة، ومن يتعود أن يعطي بحب سيعرف ماذا تعني قيمة العطاء له!