بقلم الدكتوره بتول أحمد كرزون
تتجلى كنوز لغتنا الخالدة في منزلتها الرفيعة التي اصطفاها بها المولى سبحانه في كتابه العزيز. كيف لا وهي لغة القرآن الكريم ، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (سورة يوسف:2) وعن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: “تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ”،( شعب الإيمان، أبو بكر البيهقي)
ولو تأملنا الكنوز التي تحتوي عليها تلك اللغة الخالدة، لعلمنا حقًا أنها كنز ثمين، حيث أنها تتميز عن اللغات الأخرى ببديع الدلالات والمعاني، واستخدام المجازات ، والاستعارات، ولا يمنع اختلاف حروفها وتباين معانيها من أن تكون جوهرًا واحدًا في الطبع والصقل، فهي في محاسنها البديعية تمتزج بالروح، وتختلط بالمشاعر، لتصل بنا إلى إحساس فريد بتفرد روعتها، ولو رجعنا إلى تاريخ تلك اللغة العظيمة لتجلى لنا سجل حافل من الروعة والخلود، حيث كانت ولا تزال تتصف بالقوة. تختلف الألفاظ ولا تراها إلا متفقة، وتفترق ولا تراها إلا مجتمعة، بدأت في تاريخها بين الصحاري والقفار، وانتقلت لتشمل ربوع المعمورة، واحتفظت بقوتها وحسن بيانها وبنيانها، فهي لغة التحدي والاعجاز. فسبحان من اصطفاك، وسبحان من أعلى مقامك، وجعل منك كل تلك المحاسن الجلية.
إليك تحية إجلال وعهد وفاء وإخلاص أن نكون حارسين أمناء لكنوزك، وحافظين لكل هذا الجمال والرونق، فأنت جزء لا يتجزأ من هويتنا، وكيان متين لأمتنا، وركن حصين من أركان التنوع الثقافي في مجتمعنا، فحق لنا أن نحتفي بك وحري على كل مربي أن يشيد بك، ويعزز من مكانتك في كافة المحافل وعلى اختلاف الميادين، ولا سيما في عصر الرقمية، وفي ظل الانفتاح المعرفي.
فكلّ عام وأنتم بخير، والعربية بألف خير. إنّ لغتنا العربية بأحرفها الثمانية والعشرين تتكفل لنا أن نرسم البهجة والمحبة والفرح والخير على وجوهنا ومجتمعاتنا، فهي لغة البيان التي تصور أجمل الصور. وأختم بأجمل ما نظم المتنبي عن اللغة العربية:
لا تلمني في هواها انا لا أهوي سواها
لست وحدي افتديها كلنا اليوم فداها
كلما مر زمان زادها مدحا وجاها