الرئيسية مقالات الدكتور علي القحيص يكتب : (الذكرى الثانية لرحيل عيادة الصديد)…!!؟!!

الدكتور علي القحيص يكتب : (الذكرى الثانية لرحيل عيادة الصديد)…!!؟!!

523
0

بقلم الكاتب الدكتور علي القحيص 

كلما تأتي ذكرى وفاة الشيخ عيادة كنعان الصديد ( 1940- 2023)،رحمه الله ،مثل هذة الأيام من كل عام يمضي،تتوالى المنشورات عبر التواصل الإجتماعي ، يتذكرونه محبيه ورفاقه وعشيرته بالقصائد والاناشيد والصور والثناء والإشادة ، مستذكرين مواقفه الكبيرة والجريئة التي لاتعد ولاتحصى، من عتق رقاب الناس واخراجهم من السجون وانقاذ حياتهم من الهلاك والمحن والأزمات.
عندما كان مسؤولا مرموقا في الحكومة العراقية ، كونه من الصف الأول في عهد حكومة صدام حسين ، رحمهما الله .
أو أثناء تركه الوظيفة ، ولكنه لم يترك الواجبات الإجتماعية الموكله له من خلال الاعراف والعادات والتقاليد الاصيلة المناطه بها كواجب انساني وأخلاقي ، كونه شيخ عشيرة معروف وابن عائلة عريقة مشهود لها بالنواميس وحمل راية (الفزعات)، والنخوة والحمية والمروءة والشهامة، والوقوف بجانب المظلوم في أيام الشدائد والظروف الصعبة.
ولاغرابه في ذلك الأمر، حيث سبقه في تلك المواقف الشجاعة والخصال الطيبة ، الراحل الكبير شقيقه الشيخ حواس كنعان الصديد (1908-2020)، مواليد شمال السعودية( القريات – قرية عين الحواس) ، توفي في ابوظبي،كان رجلا ذكيا باتعا وجسورا وشرسا في مقارعة الملوك والرؤساء والأمراء وشيوخ القبائل ومنافسيه وخصومه بالمناكفات معهم ، ويعتبر من الدهاة من الرجال الكبار المؤثرين في قبيلة شمر .
المهم نستذكر مواقف (ابوفارس)، الطيبة المتعددة الذي رحل في 26 يناير 2023 بمدينة الرياض، وبغيابة انطوت صفحة مشرقة طويلة جدا تحمل في ثناياها قصص كثيرة وبطولات متعددةوعزة وكرامة في زمن كان وقتها القبيلة تعانق السماء مجدا وكبرياء وانفه وتاثيراوحضورا .
ورغم ان الاستاذ عيادة الصديد كان يعمل في دولة عربية قومية يحكمها حزب واحد لاتؤمن بالقبلية والعشائرية ضمن منهجها القومي الإيدلوجي ، إلا أنه اخترق كل القوانين الصارمة والأنظمة الجمهورية والتعليمات المشدده وتخطاها، و جعل له مكانا خاصا متفردا لايجرء عليه احدا ، من خلال شخصيته المؤثرة الصاطعه الموغلة بالمرجلة والعنفوان والسطوة والنفوذ، ولم يغير لهجته او يتخلى عن بدويته وهندامه بل كان يتعمد ذلك بإمعان،ولم ينسلخ من قبيلته أو مجتمعه، بل كان يسهب و يتحدث بصوت عال بلهجة البدوية( الشمرية)، لكي يفرضها ويعممها ويعتز بها بين الصفوف والمسؤولين، وحتى أمام الرئيس صدام حسين بالاجتماعات الرسمية ،يتعمد أن يستشهد بالاقوال والامثال والحكم والقصص البدوية أمام الحضور ، ليحيي مآثرها ودورها باللهجة البدوية التي يعتز بها، ويكرس المثل العليا في التقاليد البدوية التراثية بذكاء فطن، ولم يلوي لسانه أو يمارس الهياط والتبذير من أجل الأضواء والبهرجة فقط ،بل إنه يربط القول بالفعل ليعقد العزم للمشكلة وحلها مهما تكن الصعاب والحواجز والابواب المقلقة.
حتى قيل انه إثر على بعض مفردات وجمل يستهلكها الرئيس الراحل صدام حسين ، الذي كان يستحضرها في احاديثة وتصريحاته ، عندما كان يستخدم مصطلحات وامثال بدوية ، ويضرب بها الأمثال في الشجاعة والكرم والصبر والحياء والعفه والمروءة مثل ( الطعن على قدر اللحوق، أو اضرب ..ضربن بغيري .. مثل شل بالتبن، أو الخوف مافك الحباري ولاطول العمره قصير، أو تعرف الإبل من اوبارها ،أو بخشوم البل سفى، أو الفرس من خيالها.. وكذلك القوم من عقيدها)!
رغم إن صدام حسين ، رحمه الله ليس بعيدا عن البيئة والجغرافيا التي كان يعيش بها الشيخ عيادة الصديد، وكانا رفاق وصحبة في أكثر من دولة وبلد ومنطقة عندما كانا مطلوبين للسلطة في بغداد قبل عام 1968، وكلما اختلفا عاد بهما الزمان من جديد ، وكلما افترقا عادت بهما الظروف أخوة واصدقاء ورفاق درب طويل للبحث عن المجدو العلياء ، لأن الذي بينهما أكبر من أن تمحوه السنون .
المواقف الكبيرة والقصص النادرة والروايات المتعددة والمآثر الملهمة ، كثيرة جدا عن تاريخ وسيرة عيادة الصديد ، ولا يحصيها مقال أو قصيدة أو بحث ودراسة، بل المفترض أن يؤلف عنه كتاب خاص ، يحتوي على كل المواقف النادرة والقصص الملهمة النبيلة والأحداث الشجاعة التي قام بها تجاه وطنه ومجتمعه ، لأن بعضها ربما لايصدقها احد من مواقف محرجة و عظيمة ومبادرات كبيرة قام بها ،و كان بطلها ( ابوفارس)، في ظروف كان العراق يخرج من حرب ويدخل الاخرى ، إلا أن عيادة الصديد، كان شغله الشاغل ، أن يقف مع عشيرته ومجتمعه في احلك الظروف واصعبها ، هذا” يعتق رقبته وهذا يعفيه من المؤبد وهذا يخرجه من السجن ، وهذا يوظفه وهذا يمنحه قطعة أرض وهذا يعفيه من عقوبة صعبه،وهذا يطلب له رتبة أعلى وهذا ينقله إلى موقع أفضل وهذا ينصفه من خصمه وهذا يعالجه وهذا يحصل له قبول بالجامعة “. وهذا لايعيبه ولا يثلم شخصيته و مواقفه الوطنية الأكبر، حيث كان محافظا لأكثر من محافظة ومنطقة ، وإينما حل يترك أثرا طيبا ، ومواقف تشهد له وتنصفه، انه كان رجل دولة وطنيا مخلصا وفارس عشيرة بإمتياز .
المهم نقول إن الشيخ عيادة الصديد ، كان حالة نادرة وظاهرة متفردة جمع مابين مسؤولية الدول وسطو السلطة وانصاف القبيلة والإنحياز لها، بزق نجمه عاليا بالعراق منذ طفولته حتى ترك العراق بعد إحتلاله عام 2003، وفضل أن يقضى ماتبقى من العمر في المملكة العربية السعودية، موطن قبيلتة واجداده ، حتى رحل بتاريخ 26 يناير 2023 في مدينة الرياض مثل هذا اليوم .
تاركا ارثا خالدا طيبا وسيرة عطرة تليق باسمه الكبير وعائلته المعروفة .
له المجدو الخلود و الرحمه والغفران.
*كاتب وروائي