بقلم الدكتور محمد الحلفي
يُعدُّ حي الطريف التاريخي في الدرعية تحفة معمارية وتراثية، حيث يُجسد الإرث الحضاري العريق للمملكة العربية السعودية. كان هذا الحي القلب النابض للدولة السعودية الأولى (1727-1818م)، مما يجعله شاهداً على روح الأصالة والتاريخ. وفي عام 2010م، نال اعترافاً عالمياً حين أُدرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، ما عزَّز من مكانته كوجهة ثقافية بارزة.
الطريف معمار طيني يعكس عبقرية البناء القديم ويمثل نموذجًا فريدًا للهندسة المعمارية التقليدية، حيث شُيدت منازله وقصوره من الطين والمواد الطبيعية المستوحاة من البيئة المحلية. هذه الأبنية، التي تتميز بمتانتها وتصاميمها المحكمة، صمدت أمام الزمن لتروي قصة مجد حقبة ذهبية. وتتألف المباني من عدة طوابق وساحات داخلية، ما يعكس الإبداع في استغلال المساحات وضمان التهوية الطبيعية الملائمة لمناخ المنطقة.
حظي حي الطريف بتقدير عالمي حين أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة مواقع التراث العالمي عام 2010م، نظراً لقيمته التاريخية والمعمارية الاستثنائية. وقد أسهم هذا الاعتراف في إطلاق مشاريع ترميم واسعة النطاق تهدف إلى إعادة إحياء تفاصيله الدقيقة، ليظل شاهداً حياً على عظمة الدولة السعودية الأولى ودورها في ترسيخ الهوية الوطنية.
لا يقتصر حي الطريف على كونه موقعًا أثريًا، بل يعد متحفًا حيًّا يعكس ملامح الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ازدهرت في عهد الدولة السعودية الأولى. تنتشر في أرجائه القصور والحصون والمساجد والأسواق القديمة، مما يجعله نافذة فريدة على تاريخ الجزيرة العربية. كما يحتضن العديد من الفعاليات الثقافية التي تسلط الضوء على التراث السعودي، مقدماً تجربة فريدة للزوار الباحثين عن عبق الماضي.
تُمثل الدرعية العاصمة السياسية والثقافية الأولى للدولة السعودية، وتحمل في طياتها إرثًا خالدًا يعكس مجدها التاريخي. ويعد حي الطريف أبرز معالمها، إذ يحتضن قصر سلوى، الذي كان مقر حكم الدولة السعودية الأولى، إلى جانب العديد من القصور والمجالس التي شهدت أحداثًا محورية في تاريخ المملكة.
بفضل مزيجه الفريد بين الأصالة التاريخية والتجربة الثقافية الغامرة، يظل حي الطريف معلمًا لا يُضاهى، ووجهة رئيسية لكل من يسعى لاكتشاف جذور الدولة السعودية الأولى ومعايشة أجوائها العريقة.
