الرئيسية مقالات الدكتور علي القحيص يكتب :(حكم جديد في المنطقة العربية)…!!؟!!

الدكتور علي القحيص يكتب :(حكم جديد في المنطقة العربية)…!!؟!!

305
0

 

بقلم الدكتور علي القحيص

لازال العالم يراقب والبعض ينتظر ماذا سيكون شكل ولون ونهج أسلوب الحكم الجديد للجمهورية العربية السورية ، بعد حكم ديكتاتوري انفرد بالسلطة ستون عاما ، وحول الشام إلى حكم طائفة واحدة وثكنات عسكرية واجهزة امن وسجون وسراديب اكثر من أن تحصى.
وبعد التغيير المفاجئ الذي حصل بسرعة غير متوقعة والذي وصف بأنه الثورة النظيفة البيضاء بدون صدامات وإراقة دماء ، واستقبلت السلطة الجديدة بالترحاب من كافة فئات المجتمع السوري من جميع قومياتة وطوائفة، في صورة نادرة في العصر الحديث وسط دهشة العالم، لهذا الاصطفاف والتأييد الشعبي الكبير مع منظومة الحكم الجديد التي أسقطت اعتى الانظمة الدكتاتورية في العصر الحديث ، والذي استرعى اهتمام المراقبين بأدائة المنظم ، لأن الدول العربية وخاصة الأنظمة الجمهورية تعودت على الإنقلابات العسكرية من الداخل ، وإعلان البيان رقم واحد من خلال الإذاعة والتلفزيون !
هذة الثورة التي أتت معلنة صراحة نوايا السوريين لتغيير الحكم بوضوح ولإنقاذ الشعب السوري المتعب والمنهك المضطهد .
تمكن هؤلاء الثوار إسقاط المحافظات والمدن بدون اي مواجهات مسلحة، بعد انسحاب وانهيار الجيش السوري أمامهم هو وحلفائه بكل يسر وسهولة ودهشة، حتى وصلوا إلى ساحة دمشق ليرفوا اعلام الثورة الجديدة وناصرهم السوريون بوضوح تام ومن كافة شرائح المجتمع ومكوناته ، ولم يتم توزيع اي منشورات أو اقتحام التلفزيون لاذاعة بيان الانقلاب، وبعد أن سقط النظام توجه مجموعة من الثوار لمبنى التلفزيون الرسمي ، والذي كان يبث ندوة عن صمود الحكم البائد وكيف يتعامل مع الاحتجاحات والازمات، وحين دخل الثوار لم يمارسوا أي نوع من العنف أو الإرهاب ضد طواقم العمل ، بل ابلغوهم بأن النظام سقط وعليكم تغيير الخطاب !
وهذا ماتم بالفعل بهذة السلاسة والمرونة بشكل مريح وبدون ضجيج أو خطابات نارية غاضبة متشنجة.
المستغرب ان قائد الثورة السوريين احمد الشرع
وبعد ذلك أعلن انه رئيسا للجمهورية مؤقتا ، وشكل حكومة تصريف أعمال لمدة ثلاثة أشهر، و بعد هذة الفترة يتم الاستعدادات للانتخابات التي ستشمل كافة اطياف المجتمع السوري، واعتماد دستور دائم للبلاد.
الغريب في الأمر أن امريكا والدول الأوربية بدأت تتلمس وتتقصى ماهية هذه الحكومة الجديدة واهدافها ومنهجها، بينما الدول العربية ظلت تنتظر بحذر شديد ،ولم تعلن دعمها أو مساندتها وتأييدها ، بل اكتفت بأن الشعب السوري هو من يقرر مصيره.
وهو كلام( رفع عتب) ليس إلا ، ترقبا لتطور الاوضاع واستبيان الامر وفيما لو نضجت الحكومة واستتب الأمر تكون معها ، ولذا اتخذت مواقف تبرر لها اي مواقف مستقبلية، وتلافي اي حرج او تشويش ممكن، على أنها لم تساند وتدعم الحكومة الحالية !
ويبدو أن هذا التغيير الذي حصل هو غير متوقع للدول العربية كلها ، ولكنه كان مخططا له منذ امد طويل حيث تم استلام السلطات بكل أريحية وشفافية وبخطوات منظمة وعلى دراية كاملة ومعرفة تامة ماذا يريد الشعب السوري وينقصه ، ولذلك لم تنهب الوزارات ولم تحرق المؤسسات ولم تسجل اي حالات اعتداء ، ولم يحدث اي نوع من الفوضى ،كما حصل في العراق ودول أخرى بعد اسقاط انظمتها ، وعلق الكاتب السياسي و المفكر المصري ( مصطفى الفقي) وقال أن الذي حصل اشبه بالمعجزة ، وهذا حكم ونهج ( كتلوك إسلامي علماني جديد ، أرادوا له النجاح بهذه الطريقة الذكية المتميزة ، وأضاف أن أحمد الشرع يبدو ذكيا جدا، وقد ارسل إشارات تطمينية لدول الجوار والعالم ، أنه لايريد احد التدخل لمساعدته، ولايريد لاحد استعداء ثورته وانجازات السوريين ، بهذا الخطاب المعتدل المتوازن الذي لم يستفز اي دولة ).
ومايؤكد رضى الشعب عن هذه الثورة هو التجمعات الجماهيرية على امتداد ساحات المحافظات السورية على مدى مدة إسقاط النظام السابق دعما لما تم انجازه ، دون ان تطلق رصاصة واحد تزعج أو تربك المظاهرات والاحتفالات السورية بهذا التغيير السلمي للسلطة وكان هناك لهم غطاء جوي محكم ، رسائلهم التطمينية ذكية موجهة للجميع ، بل قالوا أن الثورة انتهت بنهاية سقوط النظام السابق، ولن يتم تصديرها للخارج، وهي من الشعب للشعب للتخلص من هذة المحنة والماساة والكوارث التي حلت بالسوريين ، والآن ها هو الوطن السوري يرفع اللون الأخضر الذي يليق بالشعب العربي السوري، الذي عانى الويلات من الخطابات الثورية المزيفة والشعارات الرنانة، والحكم العسكري المتفرد بالسلطة ، مماجعل الشعب السوري نصفه تحت الارض ونصفة مابين قتيل ومشرد ومهجر ولاجيء.
نتمنى للسوريين العودة لوطنهم امنا مستقرا، فهم ثروة بشرية هائلة متميزة بالعطاء والإنتاج ، اذا هيأت لهم البيئة المناسبة والمظلة الامنة لحمايتة من الأخطار الداخلية والخارجية .