التواصل الأسري.. الجسر الذي يصل بين الأجيال

25
0

✍🏻 بقلم: فهد المرزوق

في خضم التغيرات السريعة التي يعيشها مجتمعنا السعودي والعالمي، تظل الأسرة الركيزة الرئيسة التي تعتمد عليها المجتمعات في بناء الهوية والقيم. ورغم دورها الحيوي، تواجه الأسرة السعودية اليوم تحديات كبيرة في الحفاظ على الترابط الأسري والتواصل الفعال بين أفرادها، خاصة مع التطورات التكنولوجية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت العوالم الافتراضية تحل أحيانًا مكان العلاقات الحقيقية.

التحدي الأكبر: تآكل التواصل الفعلي

يُعد التواصل الأسري اللبنة الأولى لبناء أسرة متماسكة وقوية، وفي عصر السرعة والتكنولوجيا، أصبح من المعتاد أن نجد كل فرد في الأسرة منشغلًا بهاتفه المحمول أو جهازه اللوحي، حتى وإن كانوا جميعًا في نفس الغرفة. هذا الانشغال المستمر يشكل تهديدًا مباشرًا للعلاقات الأسرية، ويخلق فجوة بين الآباء والأبناء وحتى بين الأشقاء.

لكن السؤال الأهم الذي ينبغي علينا طرحه هو: هل نمتلك الوقت الكافي للاستماع إلى بعضنا البعض؟ هل أصبح الحديث العابر وتبادل الرسائل النصية كافيًا للحفاظ على علاقة أسرية صحية؟ أم أن هذا التواصل السطحي يحتاج إلى دعم حقيقي يعيد للأسرة روحها القديمة؟

دعونا نتحدث عن أهمية التواصل المستمر

التواصل الجيد داخل الأسرة لا يقتصر فقط على نقل المعلومات أو الأوامر. بل هو تعبير عن الحب، والاحترام، والتقدير. وهو أساس لتنشئة جيل قادر على مواجهة الحياة بثقة. لذا من الجميل أن يكون الحوار داخل الأسرة منفتحًا ليشعر كل فرد بأهميته وقدرته على التعبير عن آرائه بحرية، فعندما يتاح للأبناء فرصة المشاركة في القرارات والتحدث عن مشاعرهم، ينشأ بينهم وبين آبائهم جسر من الثقة المتبادلة.

خطوات لتعزيز التواصل الأسري

أولًا: تحديد وقت عائلي يومي، إذ يمكن تخصيص ساعة واحدة يوميًا لتبادل الأحاديث بعيدًا عن الأجهزة الإلكترونية. هذه الساعة تُعيد للأسر إلى لحظات الالتقاء البسيطة التي كانت تميز الحياة في الماضي.

ثانيًا: الاستماع الفعّال: من المهم أن يظهر الأهل اهتمامهم الحقيقي بما يقوله أبناؤهم فالاستماع الجيد يُشعر الأبناء بأن هناك من يهتم بهم ويأخذ مشاكلهم على محمل الجد.

ثالثًا: الانخراط في أنشطة مشتركة: من المهم أن يجد أفراد الأسرة أوقاتًا يقضونها سويًا في أنشطة ترفيهية أو تعليمية تُقوّي الروابط بينهم وتُحفّز على الحوار والنقاش.

رابعًا: إظهار التعاطف والتفاهم: لأن الأفكار مختلفة بين الأجيال، فمن الجميل أن يبقى الاحترام والتفاهم الأساس الذي يستند عليه النقاش ليشعر الأبناء بأن لهم مساحة آمنة يعبرون فيها عن آرائهم دون خوف من الانتقاد.

ختامًا..

إن التواصل الأسري هو الجسر الذي يصل بين الأجيال ويُبقي الأسرة متماسكة في وجه التحديات، ولأن الأسرة هي الحصن الأول للأبناء في مواجهة العالم الخارجي، فإن تقوية هذا الحصن تبدأ من إعادة إحياء التواصل الحقيقي بين أفرادها، فالأسرة ليست مجرد مجموعة من الأشخاص يعيشون تحت سقف واحد، بل هي وحدة متكاملة تحتاج إلى رعاية وحب وتفاهم ليظل هذا السقف متينًا وعصيًا على الانهيار.

 

اترك رد

الرجاء إدخال تعليقك !
الرجاء إدخال اسمك هنا